سواءً كنت مديرًا أو جزءًا من فريق، تحليك بالذكاء الاجتماعي قد يكون أحد أهم عوامل نجاحك في سوق العمل. فمن خلال الذكاء الاجتماعي يمكنك العمل والتفاوض والتواصل بفعالية مع الآخرين. بالإضافة إلى فهم ومراعاة مدى تأثير الأحداث والتفاعلات الاجتماعية المختلفة على الأشخاص على المستوى الفردي، وما يترتب عليه من تأثيرات على الفريق كله، مما يساعد على خلق بيئة عمل صحية وفعالة. لهذا إذا أردت النجاح في حياتك العملية والشخصية كذلك، يجب عليك إتقان مهارات الذكاء الاجتماعي ومعرفة كيفية استغلالها لتصل إلى أهدافك المهنية. من خلال هذا المقال ستتعرف على أهم مهارات الذكاء الاجتماعي المطلوبة في سوق العمل وأهميتها وكيف يمكنك تطويرها؟
ما هو الذكاء الاجتماعي؟
يشير الذكاء الاجتماعي إلى مدى قدرة الشخص على امتلاك الوعي الذاتي، والتعايش مع الآخرين وفهمهم والتفاعل معهم. بالإضافة إلى امتلاك الكفاءات والسلوكيات الاجتماعية القوية، التي تؤثر على الآخرين لتشعرهم بالتقدير والثقة والاحترام. غالبًا ما يتصف الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من الذكاء الاجتماعي بالود واللطف، والقدرة على التواصل والإقناع بشكل عام.
ما هي مهارات الذكاء الاجتماعي المطلوبة في سوق العمل؟
مهارات الذكاء الاجتماعي هي مهارات أساسية للتطور المهني، لهذا يجب إتقانها وتطويرها. تشمل بعض أهم مهارات الذكاء الاجتماعي التي يتطلبها سوق العمل ما يلي:
الوعي الذاتي وإدارة الذات
يعني الوعي الذاتي القدرة على فهم قدراتك الخاصة وأفكارك ومشاعرك، وكيفية استجابتك للمحفزات المختلفة. بالإضافة إلى إدراك مدى وعيك بآثار أفعالك عليك وعلى غيرك وكيف ينظر العالم إليك. تأتي إدارة الذات بعد وعيك الذاتي بقدراتك، فإدارة الذات هي تطبيق وعيك الذاتي لمواجهة المواقف الصعبة. من حيث اتخاذ القرار الداخلي والتفكير ووضع وجهات النظر الأخرى في الاعتبار قبل التصرف أو التحدث.
بدايةً من حديثك وخلقك للمحادثات حتى طريقة حركتك وكيف توجه جسدك وردود أفعالك. يجب أن تعي أن تصرفاتك وما ينبع منك له تأثير هام على الآخرين من حولك ونظرتهم إليك، فإما ستجذبهم نحوك أو ستجعلهم ينفرون منك. أيضًا وعيك بامتلاك روح الدعابة وكيف ومتى يمكنك استخدامها يمكن أن تُعد واحدة من أهم الجوانب الرئيسية للوعي الذاتي، حيث يمكنك من خلالها فتح المحادثات، وخلق جو إيجابي وجذاب.
الوعي الاجتماعي ومعرفة القواعد الاجتماعية
تختلف القواعد الاجتماعية من مجتمع لآخر ومن مجموعة لأخرى داخل نفس المجتمع. لهذا من الهام تطوير الوعي والفهم الأساسي للتفاعلات الاجتماعية داخل المجموعات المجتمعية المختلفة على أساس الحالة الاجتماعية والمكانة والعمر والخبرة. يؤدي فهم القواعد الاجتماعية وتكوين الوعي الاجتماعي إلى تفاعلات مجتمعية أكثر إيجابيةً. كما يُعد إظهار الاحترام وفهم الحالات العاطفية للآخرين وكيفية التصرف بناءً على هذا الفهم، من أهم جوانب الوعي الاجتماعي.
إدارة العلاقات
يشير مفهوم إدارة العلاقات إلى كيفية تطبيقك لوعيك الاجتماعي، بما يشمل تحديد دورك داخل شبكتك الاجتماعية. بالإضافة إلى إدراك متى يجب عليك تجنب المواجهة، وتطوير قدرتك على التعاطف، وفهم كيف يمكن أن تختلف دوافعك عن دوافع الآخرين وما يترتب عليها من تصرفات. بامتلاكك لمهارة إدارة العلاقات فأنت تمتلك مهارة العمل الجماعي والتي تُعد واحدة من أهم المهارات المطلوبة في سوق العمل.
اقرأ أيضًا: ما هي أهم المهارات التي تحتاج إلى كتابتها في السيرة الذاتية؟
الطلاقة اللفظية وغير اللفظية (لغة الجسد)
حُسن استخدام المحادثة اللفظية إلى جانب لغة الجسد، من أهم مهارات الذكاء الاجتماعي المطلوبة في سوق العمل. يفهم الأخرين نواياك من خلال كلماتك وكذلك من خلال لغة جسدك، لهذا يجب عليك التفكير جيدًا قبل التحدث واختيار كلماتك بعناية، كما يجب عليك إتقان لغة الجسد. باستخدام كلماتك بعناية يمكنك جذب الاهتمام وإثارة الفضول. حيث يستطيع الجميع التحدث، ولكن القليل فقط من يمكنه أن يُلهم من حوله بكلماته.
يجب أن ترافق الطلاقة اللفظية لغة جسد جيدة؛ حيث إن أكثر من 60% من طريقة تواصلنا مع الآخرين قائمة على لغة الجسد. تشمل لغة الجسد وضعية جسدك وتعبيرات وجهك وتواصلك البصري والإيماءات. لعل ما يجعل من لغة الجسد أحد أهم مهارات الذكاء الاجتماعي التي يجب أن تمتلكها، هو مدى تأثير لغة جسدك على الناس ونظرتهم لك. فإذا كنت لا تتقن مهارات لغة الجسد وتتجنب التواصل البصري، فلن تحصل على الانتباه والتقدير الكافي لحديثك.
الاستماع الفعال
إذا كان من المهم تعلم كيفية استخدام كلماتك لتؤثر على من حولك، فلا يقل استماعك للأخرين أي أهمية. حيث يساعد الاستماع الفعال إلى زملائك في الفريق على التواصل معهم بسهولة أكبر، من خلال التعرف على وجهات نظرهم وفهم دوافعهم ومشاعرهم، وبالتالي حل النزاعات بشكل أفضل وخلق بيئة عمل إيجابية.
التعاطف
لا يمكنك امتلاك ذكاء اجتماعي قوي دون امتلاك القدرة على التعاطف. حيث يسمح لك التعاطف بالتفاعل والتواصل بشكل أفضل مع الآخرين. خلال عملك ستجد في بعض الأحيان أنه يجب عليك مواجهة بعض المواقف غير المريحة لك وللأخرين مثل توضيح الأخطاء وتقديم الملاحظات. يمكنك من خلال امتلاك مهارة التعاطف، وتعاملك بلطف وصدق تخطي مثل تلك المواقف.
التواصل والاقتراب
من الذي يجب أن تتواصل معه وتقترب منه؟
في المواقف الاجتماعية، تحديد من تتواصل وتقترب منه يعطي انطباع كبير عنك وعن مدى تطور ذكائك الاجتماعي. لا تترد في أن تكون الشخص الذي يقترب من الأخرين أولًا بشكل لطيف وغير مفتعل إذا وجدت المساحة لذلك، فهذا يُعطي انطباع عنك بأنك ودود كما يمنحك فرصة اختيار من تتحدث معه.
كيف يمكنك تطوير مهارات الذكاء الاجتماعي المطلوبة في سوق العمل؟
الذكاء الاجتماعي موهبة يمكن تطويرها وتنميتها بمرور الوقت، فإذا أردت تطوير ذكائك الاجتماعي، اتبع هذه النصائح:
- طور مهاراتك الحسية، من خلال مراقبة ما حولك باهتمام باستخدام حواسك: البصر والشم والسمع واللمس؛ لتصبح أكثر وعياً بمحيطك وبنفسك.
- قيم مدى وعيك الذاتي، من خلال تكوين فهم أعمق ومراقبة أفكارك وعواطفك وسلوكياتك وردود أفعالك وكيف تستجيب لمحفزات معينة.
- كن مستمعًا نشطًا، استمع لما يقوله الأخرين واحترم اختلافهم معك وتجنب مقاطعتهم، واستفد من المعلومات التي تتوصل لها لجعل بيئة العمل أكثر فعاليةً.
- تعاطف مع الآخرين، انظر للمواقف المختلفة من منظور الأخرين واعمل على فهم مشاعرهم ومبرراتهم.
- نمي مهارات التواصل الخاصة بك، جزء كبير من ذكائك الاجتماعي يعتمد على مهارات التواصل وكيف يمكنك توصيل أفكارك بسهولة والقدرة على التحدث بثقة.
- قم بمراقبة لغة جسدك وتعابير وجهك، اعرف أكثر عن لغة الجسد وحاول مراقبة لغة الجسد الخاصة بك وترويضها واستخدامها لصالحك، كما يمكن استخدامها لمعرفة ما الذي يفكر فيه الأفراد من حولك.
- احترم وتقبل التنوع الثقافي، اعرف المزيد عن زملائك في العمل واحترم الاختلافات الثقافية والاجتماعية التي قد تتواجد.
- عبر عن تقديرك واهتمامك واحترامك للأخرين، يمكن أن يخلق ذلك بسهولة بيئة عمل إيجابية.
- تقبل حقيقة أن بيئة العمل تتغير باستمرار وأنه يجب تقبل هذا التغيير والتكيف معه.
أهمية امتلاك مهارات الذكاء الاجتماعي المطلوبة في سوق العمل
يساعد الذكاء الاجتماعي على خلق بيئة عمل فعالة ومثمرة. من خلال تجنب الصراع والتواصل بشكل جيد لحل النزاعات والتوصل لحلول وسط ترضي جميع الأطراف، وتعود بالمنفعة العامة على الأفراد وعلى مصلحة العمل بشكل عام. كما يساهم تحسين مهاراتك في الذكاء الاجتماعي في نجاحك في عملك وتكوين علاقات هامة، يمكن أن تفيدك خلال مسيرتك المهنية.
يؤدي الذكاء الاجتماعي إلى تحسين مهارات التواصل والعمل الجماعي الخاصة بك وجعلك أكثر ثقةً بنفسك وقادرًا على التعبير بسهولة وثقة عن أفكارك. يمكن بسهولة من خلال تطوير ذكائك الاجتماعي فهم زملائك في العمل وفهم أهدافهم العملية التي على أساسها تستطيع تحديد هل تتفق أهدافك مع أهدافهم فتستطيع التعاون معهم أم تختلف فيمكنك بسهولة حينها من تجنب الصراعات واحترام تلك الاختلافات.
تنمية مهارات الذكاء الاجتماعي المطلوبة في سوق العمل أصبحت ضرورة في عصرنا الحالي. حيث تمثل إلى جانب غيرها من المهارات الشخصية والوظيفية الأخرى، جزء كبير من أسباب نجاحك في حياتك المهنية.
