عندما نتحدث عن أهم التجهيزات الأكاديمية في أي جامعة دائما ما نذكر المكتبة. فهي من أكثر الأماكن المؤثرة على فكر الطالب الجامعي.
المكتبة هي اسم مكان يدل على المكان المخصص لاحتواء وحفظ الكتب والمصادر العلمية لتتاح للقًرَّاء بشكل منظم. ويُقال إن أقدم مكتبة في التاريخ تعود للحضارة الآشورية في بلاد الرافدين في القرن السابع قبل الميلاد، وهي (مكتبة آشور بانيبال) في نينوي. والتي كانت تحوي آلاف الألواح الطينية المخطوطة في جميع فروع المعرفة في ذلك الحين.
وكذلك مكتبة الأسكندرية القديمة التي تعود لعصر البطالمة، و مكتبتي (بيرغامس) و(سيلسوس) التي تعودا للعصر الروماني القديم وهما من أهم المعالم الأثرية الثقافية الموجودة في تركيا الآن.
وقد كان للحضارة الإسلامية دور كبير في نشر وازدهار المكتبات وجعل الكتب في متناول الجميع، فكان (بيت الحكمة) في بغداد والذي ضم آلاف الكتب والمخطوطات في مختلف العلوم. وكانت مكتبة قرطبة في عصر الأندلس منارةً للعلوم وسبباً في تعليم أوروبا أبان عصور الظلام.
مع الأسف أغلب مكتبات العصور القديمة قد تعرضت للتلف بفعل الحرائق والنهب. ولم يتبق من بعضها إلا آثار بسيطة. لكن في العصر الحالي هناك مكتبات تحوي نفائس التراث العالمي القديم والحديث؛ مثل: المكتبة البريطانية، أكبر مكتبات العالم، حيث تضم أكثر من 170 مليون كتاب!.. ومكتبة الكونغرس البحثية الشهيرة في الولايات المتحدة الأمريكية.
ضياع التراث الثقافي والعلمي من الكتب في العصر الحالي أصبح أمراً مستحيلاً؛ فمع تطور الطباعة أصبح لكل كتاب الآلاف من النسخ المنتشرة. كما أنه بفضل التطور التكنولوجي باتت هناك العديد من المكتبات الإلكترونية الشاملة والمتطورة، مما يسمح للقارئ بالاطلاع على المصادر العلمية القديمة والحديثة من مختلف دول العالم بكبسة زر عبر الإنترنت!
وأتاحت المكتبات الرقمية كذلك العديد من الكتب المسموعة والمرئية وليس المقروءة فقط.
تتنوع المكتبات بحسب أغراض تكوينها؛ فقد تكون مكتبات عامة أو مكتبات خاصة، أو مكتبات أكاديمية في المدارس والجامعات، وهناك مكتبات وطنية ومكتبات للأطفال ومكتبات رقمية وغيرها.
المكتبات الجامعية وأهميتها
تعرف المكتبات الجامعية بأنها المكتبات التي تُنشأها الجامعات وتديرها بهدف توفير كافة المصادر والمراجع التي قد يحتاجها الطلاب والباحثين. فهي مؤسسات ثقافية هامة تدعم وتقوي العملية التعليمية. وقد تكون المكتبات الجامعية شاملة تشمل مختلف التخصصات والمعرفة العامة، وقد تكون متخصصة كمكتبات الكليات.
تؤدي المكتبات دور ثقافي علمي تربوي هام جداً داخل الجامعات. فهي داعم أساسي لأنشطة البحث العلمي، كما توسع من كم المعرفة التي يمكن أن يحصلها الطالب في مجال تخصصه، وتزيد من ثقافته العامة وتنمي مهاراته الذهنية لتتطور طريقة تفكيره ونظرته للعالم من حوله.
كذلك يتم نشر الدراسات العلمية والدوريات البحثية ورسائل الماجستير والدكتوراه داخل مكتبات الجامعة ليستفيد منها الأكاديميين والباحثين.
وبالطبع لا تتحقق تلك الفوائد إلا عندما تولي الجامعات مكتباتها الاهتمام الكافي. فتوفر لها ميزانية مناسبة، وتهتم بتجهيزاتها وهيكلها ليكون مميزاً ومحفزاً للطلاب على القراءة والبحث، وتجعلها تضم أكبر قدر ممكن من المصادر العلمية بجميع أنواعها، وتهتم بإدارتها من حيث الفهرسة والتصنيف والترتيب وغيره.
كذلك أصبح من الأساسيات في العصر الحالي أن تضم المكتبات الجامعية أجهزة كمبيوتر متطورة مزودة بالإنترنت. تحوي برامج ووسائل تعليمية وكتب ومجلات إلكترونية سواءً مقروءة أو مسموعة أو مرئية.
كما أن تعاون المكتبة الجامعية مع مكتبات جامعات أخرى ومع المكتبات الوطنية وكبرى المكتبات العالمية، يفيدها كثيراً في تبادل الخبرات والمصادر وتوحيد الجهود لإفادة الطلاب والباحثين والأكاديميين في كل مكان.
بعض الجامعات تضم مكتبة واحدة، ولكن غالباً ما تتوفر مكتبات خاصة بالكليات تضم الكتب المتخصصة في مجالاتها ومكتبة كبيرة مركزية للجامعة.
المكتبات الجامعية داخل الجامعات التركية
من أكثر التجهيزات الأكاديمية التي تهتم بها أغلب الجامعات التركية في بنيتها التحتية هي المكتبات. فلا توجد جامعة إلا وتحتوي على مكتبة حديثة عصرية، مما ييسر على الطالب الوصول إلى كافة المعلومات والوسائط التي يحتاجها.
تتميز المكتبات الجامعية في تركيا بتصميماتها الخارجية والداخلية المريحة والمنظمة. كما أنها تهتم بتوفير جميع المصادر والمراجع للطلاب والباحثين في صورة ورقية أو إلكترونية.. حيث أن معظم المكتبات تحتوي على أحدث أجهزة الكمبيوتر المزودة بإنترنت سريع.
تضم مكتبات الجامعات التركية آلاف الكتب والمجلات والأبحاث سواءً ورقية أو إلكترونية أو مسموعة أو مرئية. متاحة للطلاب طوال الوقت لتشجيعهم على البحث والاطلاع بلا أي قيود. بالإضافة إلى تنظيم دورات تدريبية وندوات ومعارض ثقافية. مما يجعل المكتبة جزءًا مهماً في الحياة الجامعية للطالب في تركيا يدعمه دراسياً وبحثياً ويوسع مداركه الفكرية.
وأخيراً ليست المكتبات مجرد مكان يحوي الكتب والمصادر لحين الحاجة إليها.. ولكنها مركزاً للفكر والحضارة والعلم والثقافة.. فهل ستستمر بنفس تلك الأهمية في المستقبل؟!! .. تحدٍ كبير يحتم على المكتبات استغلال أحدث التكنولوجيا لأداء دورها في حماية التراث الفكري الإنساني وحفظه ونشره.
